القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
شرح كتاب دليل الطالب لنيل المطالب
74163 مشاهدة
المسح على الجوارب

...............................................................................


لم يتكلم على الجوارب. الجورب في المسح عليه خلاف فذهب الإمام أحمد إلى أنه يجوز المسح على الجوارب، وخالفه في ذلك العلماء فمالك والشافعي وأبو حنيفة لا يبيحون المسح على الجوارب ويمنعونها .
الجوارب عبارة عن رقعة من جلد تجعل كأنها نعل رقعة واحدة ثم ينسج فوقها نسيج من قطن أو من صوف، ثم ذلك النسيج يجعل كالكيس تدخل فيه القدم، ثم بعد ذلك يشد على ظهر الساق أو فوق الساق. هذا هو الأصل في الجورب .
ثم إنهم في هذه الأزمنة ظهر ما يسمى بالشراب وسموه جورب وأباحوا المسح عليه. إذا عرفنا أن الخلاف في الجوارب قديم فإن الخلاف في هذه الشراب أقوى وأشد احتياطا؛ وذلك لأن الجوارب القديمة تنسج من الصوف الغليظ فلا تصف البشرة بل تكون غليظة
متينة يقولون: إنه لا يخرقها الماء يعني: غلظها مثل غلظ هذه الفرش التي تفرش في المساجد بحيث أنه يمشي عليها وحدها. تقهها هذه الرقعة التي من الجلد تحتها ثم يمشي، وهذه الرقعة ما تسمى نعلا ولكنها تدل على أنهم كانوا يمشون فيها وحدها ولا يلبسون معها ما يسمى بالكنادر ولا ما يسمى بالبسطار أو الجزمات أو نحوها وإنما كانوا يلبسونها وحدها تحتها قطعة من جلد، وهي من صوف غليظ لا يخرقها الماء ربما أنه يخوض بها في الماء ولا تترطب قدمه؛ فلذلك كانوا يجتهدون ويجعلونها غليظة، فأما هذه الشراب فإن كانت غليظة يعني متينة بحيث أنها تحصل بها التدفئة فلا مانع من المسح عليها، ولو احتاج أن يلبس تحتها نعلا أو خفا لكن لا بد أن تكون غليظة متينة. تساهل كثير من الناس وصاروا يلبسونها ويمسحون عليها وهي خفيفة يخرقها الماء بسهولة نقول: إذا كانت خفيفة فيلبس فوقها أخرى. يلبس اثنتين لتكون الاثنتان يحصل بهما التدفئة، ويحصل بهما الغلظ بحيث لا يخرقها الماء الخفيف ونحوه؛ فلذلك اشترطوا عدم وصفهما البشرة؛ لأنه لا يكون ساترا لمحل الفرض .